أصبح العالم كله يعلم أن تعقيم اليدين واحد من أهم أسباب مكافحة انتشار العدوى، لكن أغلب الناس لا يعرفون أن مكتشف هذه النظرية هو الطبيب المجري "ايغناس سيميلفيس" تمت محاربته بسبب هذه النظرية واتهم حينها بالدجل والجنون وبقي كذلك حتى وفاته!
لماذا؟ وكيف؟ هذا ما سنتعرف عليه
كان الدكتور سيميلفيس يرأس قسم التوليد في مستشفى فيينا العام و قد كان هناك قسمين للتوليد: قسم يعمل فيه الأطباء والقسم الآخر للمولدات.
لاحظ الطبيب سيملفيس ان عدد الوفيات التي تسببها حمى النفاس في قسم الأطباء كانت أضعاف مثيلتها في قسم المولدات! فحاول إيجاد حل لهذا اللغز المريب و الذي كان يؤرقه كثيرا وظل يتسائل عن شيء واحد فقط: لماذا تقتل حمى النفاس النساء في قسم أكثر من الآخر؟
بدأ بالبحث في الإختلافات بين القسمين واختبر عدة فرضيات إحداها أن هلع الأمهات عند سماع طنين الجرس الذي كان يصدره بعض الكهنة عند موت إحداهن كان السبب في تلك الحمى فأمر بإيقاف تلك العادة ولكن دون جدوى!
لاحظ أيضا ان النساء في قسم المولدات يلدن على أحد الجانبين بينما في قسم الأطباء يلدن على ظهورهن فبدأ بتطبيق الطريقة ذاتها ولكن ما زالت الوفيات تزداد يوما بعد يوم!
وفي أحد الأيام أصيب أحد الأطباء بالمرض مما أدى إلى وفاته وذلك بعد أن جرح أصبعه بالخطأ أثناء تشريح إحدى جثث حمى النفاس.
وفاة الطبيب جعلت الأمور تتضح أكثر لدى سيميلفيس فقد كان الأطباء آنذاك يقومون بتشريح الجثث لتعليم طلابهم ثم يعودون لقسم التوليد لإكمال عملهم.
إعتقد سيميلفيس بوجود أجسام صغيرة كان ينقلها الأطباء من الجثث في غرفة التشريح إلى النساء في جناح التوليد، فأمر جميع الأطباء بغسل أيديهم جيدا بالكلورين قبل أي إجراء وكانت النتيجة انخفاض نسبة الوفيات لتصل لنسبة أقل من 1%.
لم يستطع سيميلفيس تقديم أي تفسيرات او أدلة علمية للنتائج التي حصل عليها فحاربه المجتمع الطبي و سخروا منه، كما أن بعض الأطباء غضبوا كثيرا من اقتراح وجوب غسل أيديهم لأنهم اعتقدوا بأن تأييدهم لسيميلفيس سيجعل منهم السبب الرئيسي في وفاة النساء اللاتي أصبن بتلك الحمى سابقًا.
لم يكن سيميلفيس لبقًا وربما كانت هذه إحدى أسباب عدم تقبل الأطباء لنظريته، فقد فرض عليهم هذا التغيير دون أن يستشيرهم أو يأخذ برأيهم، ويقال أيضا بأنه كان يوبخ كل من يخالفه علانية مما جعله يخلق لنفسه الكثير من الأعداء.
رفض الأطباء الإستماع له فقد كانوا يعتقدون حينها بأن العدوى تنتقل عن طريق الهواء فقط وبعض الأسباب الأخرى التي كانت تبدو لهم اكثر منطقية! خسر سيميلفيس وظيفته فغادر فيينا محاولا إقناع الأطباء في أرجاء أخرى من أوروبا، ألف كتابًا يشرح فيه الأسباب والطرق ولكن نظريته قوبلت بالرفض.
ظهر تغيير واضح في سلوك سيميلفيس وتصرفاته، أصيب بالإحباط والإكتئاب ويعتقد الكثيرون بأنه قد ظهرت عليه أعراض مبكرة لمرض الزهايمر.
تم إيداعه في مصحة للأمراض العقلية وقيل أنه تعرض لاعتداءات جسدية هناك فقد كانت المصحات تعامل المرضى بوحشية في ذلك الوقت، وقد توفي بعد دخوله المصحة بأسبوعين بسبب التهاب جرح في يده مما تسبب له تعفنا في الدم.
اكتسبت نظرية سيمفليس قبولاً واسعًا بعد وفاته بسنين قليلة وذلك عندما أثبت لويس باستور نظرية الجرثومية.
لقب سيميفليس "بمنقذ الأمهات" و "والد مكافحة العدوى" وقد أصدرت العديد من الجوائز ، الطوابع والعملات المعدنية على شرفه وظهرت الكثير من المسرحيات والروايات والأفلام التي تحكي قصته.
وهنالك الكثير من الإنجازات والمشاريع التي لقبت باسمه ومنها جامعة سيميلفيس الطبية بالمجر وعيادة سيميلفيس النسائية في فيينا و متحف سيميلفيس الطبي في العاصمة بودابست.
إرسال تعليق